زينب النفزاوية زوجة الملوك بانية مراكش

خناثة بنت بكار المغافري هي زوجة المولى إسماعيل بن الشريف أحد أشهر السلاطين العلويين، و كانت خناثة بنت بكار هي مستشاره لأنها كانت امرأة سياسية بامتياز و كانت بذلك أول امرأة تتولى الوزارة في المغرب.

نشأت خناثة بنت بكار في بيت علم و محبة للعلوم و الأدب و المعرفة، فهي بالإضافة إلى كونها امرأة سياسية هي أيضا عالمة و فقيهة و متصوفة و متمكنة من علوم الحديث و إضافة إلى إتقانها للقراءات السبع.

زواجها من المولى إسماعيل

عندما خرج السلطان المولى إسماعيل مع جيشه لغزو صحراء سوس، تجمعت عليه العديد من القبائل لمبايعته في الحكم و كان من بين أمراء تلك القبائل الشيخ بكار المغافري والد السيدة خناثة، بعد مبايعة الشيخ بكار المولى إسماعيل أهدى له أيضا ابنته السيدة خناثة و زوّجها له من أجل توطيد العلاقات بينهم.

و قد تمكنت السيدة خناثة من فرض مكانتها في القصر، من بين 500 جارية و أربع زوجات كانت هي مستشاره و كاتبته في أموره السرية، فقد كسبت ثقة زوجها بتميزها و ذكائها.

مسيرتها العلمية

بلغت السيدة خناثة بنت بكار درجات من العلم تفوقت به على كل زوجات السلطان مولى إسماعيل، و كان دخولها للقصر إضافة لها للبحث أكثر و التفقه أكثر، حيث أنها قامت بتوسيع مكتبة القصر و جعلها تحتوي على أكثر من 12000 كتاب، و كانت تقضي غالب وقتها هناك.

تعلمت في القصر و تثقفت فيه، في كتابه " نشر المثاني" ذكر القادري أن خناثة بنت بكار كانت تكتب القرآن الكريم في اللوح و تبعثه للشيخ أبي عبد الله محمد المكي ليصحح لها، تفقهها في الدين جعلها تتقن القراءات السبع إضافة إلى أنها كانت تكتب هوامش على صحيح البخاري.

كما أن للسيدة خناثة بنت بكار تعليقات في كتاب " الإصابة في تمييز الصحابة" للعسقلاني، و مازالت محفوظة ليومنا هذا في الخزانة الملكية بالرباط، و كانت أيضا هذه السيدة العظيمة سببا في بناء مسجد خناثة بنت بكار بمدينة مكناس لكن هذا الأخير انهار سنة 2010.

حياتها السياسية

كان للسيدة خناثة بنت بكار أدوار سياسية في المغرب قبل و بعد وفاة زوجها المولى إسماعيل، إذ أنها كانت هي مستشاره السياسي و كاتبته، فقد كانت تكتب الرسائل الدبلوماسية لأمراء الدول الأخرى، كانت أيضا هي سفيرته التي تستقبل السفراء في قبة السفراء لعقد اتفاقيات و شراكات مع دول العالم، و كانت هي السبب الرئيسي في عقد اتفاقية سلام و تجارة بين المملكة المغربية و الإمبراطورية البريطانية سنة 1721.

كان المولى إسماعيل يستشيرها في أموره السرية و يؤمنها على أسراره، و كانت دائما تسأله عن الأمور السياسية و كل ما يخص أمور الرعية، و قد كان الناس يتوسطونها في قضاء حوائجكم.

و بعد وفاة زوجها كانت أول وزيرة للمغرب خاصة في فترة حكم ابنها المولى عبد الله فأمسكت زمام الأمور و حاربت من أجل الحفاظ على السلطة في المغرب.

الحج

بعث السلطان المولى عبد الله أمه السيدة خناثة بنت بكار و ابنه الأمير محمد لمكة المكرمة، و قد استقبلها أهل الحرمين بحفاوة و ترحيب كبير خاصة العلماء و الشعراء، فقال عنها الشيخ محمد بن علي بن فضل الحسيني الطبري :

فاحت بها أرجاء مكة رغبة ومحبة من سائر الأخيار

وهي الحقيقة بالجلالة في الورى فجلالة الأضياف ليس بعار

بعد وفاة المولى إسماعيل

بعد وفاة المولى إسماعيل أظهرت السيدة خناثة بنت بكار ذكاءها السياسي و تعاملها مع مختلف المشاكل، لأن البلد عرف في تلك الفترة ثورات عدة و مؤامرات كثيرة خاصة من طرف جيش عبيد البخاري، و قد تم نفي السيدة خناثة و محاولة استبعاد أبناءنا من الحكم، فابنها عبد الله تمت مبايعته و إزالته من الحكم مرات عدة.

و الذي لا يعرفه الكثير أنها في تلك الفترة كانت المعلمة الأولى لحفيدها محمد، كانت تدرسه و تعلمه كل الأمور السياسية، فقد كانت هي مربيته الأولى و بفضلها تميزت فترة حكم حفيدها محمد بن عبد الله فهو نتاج تربيتها و تعليمها له.

قضت السيدة خناثة بنت بكار 16 سنة الأخيرة من عمرها بجانب ولدها صامدة من أجل الحفاظ على الحكم، فهي من كانت تعقد الاتفاقيات و التحالفات بين القبائل لمبايعة ابنها، و كانت لها مراسلات مع عدة دول أوروبية لتوطيد العلاقات مع المغرب، و بفضلها استطاع ابنها التمسك بالحكم و إعادة استقرار البلد رغم الصراعات و الانقلابات.

ختاما

تعتبر السيدة خناثة بنت بكار مصدر إلهام و قدوة لنساء المسلمين، و يوجد الكثير من النساء المسلمات اللواتي تركن بصمتهن في مختلف المجالات و ساهمن في بناء المجتمع الإسلامي، و كنّ هنّ التغيير و هن من غيرن المجتمع و ليس المجتمع الذي غيّرهن.

مثال خناثة بنت بكار هو مثال الزوجة التي كانت سندا لزوجها و الأم التي نجحت في تربية أولادها، و العالمة و الفقيهة التي استفادت الدولة منها، فهي لم تتألق بسبب جمالها أو جسدها الفاتن، بل لا زال التاريخ يذكر ذكاءها و حنكتها، و هذه هي المرأة و هكذا يجب أن تكون.